الاثنين، 24 سبتمبر 2012

• مستقبل الإنترنت

إلى أين سيصل التطور في الإنترنت؟
هل سيحقق الإنترنت المستحيل؟
هل سيسيّر الإنترنت العالم؟
 «مستقبل الإنترنت وكيفية الحيلولة دونه» كتاب مهم من الكتب المعنية بالأعمال والسياسات والقضاء التي لن تكون في متناول الجميع وإن كانت مهمة بالنسبة لمن يسعون إلى فهم الاتجاه المستقبلي لعالم التجارة الإلكترونية في يومنا هذا. يجمع مؤلف الكتاب، جوناثان زيترين Jonathan Zittrain، بين كونه خبيرًا تكنولوجيًّا ومحاميًا، ويبدو أنه ألّف هذا الكتاب للتأثير على السياسات والتفكير لا لاقتراح حل معين      
 
  وهذا شيء طيب بالنسبة لي؛ حيث يقدم زيترين إطارين مهمين يحددان طرقًا جديدة للتفكير في الإنترنت وأثرها، وهما فكرة التكنولوجيا التوليدية وفكرة أن قيمة تلك التكنولوجيا آخذة في الانتقال من الشبكة إلى نقاط النهاية. ويصف هذا الكتاب هاتين الفكرتين ويطورهما إلى نطاق من قرارات السياسات والقرارات التقنية التي تواجه قادة الأعمال والسياسة والقضاء.
         يقدم زيترين في «مستقبل الإنترنت» تحليلاً مفصلاً لتطور الإنترنت وطبيعة الشبكات ونشوء التكنولوجيا. وينصب تركيز هذا الكتاب على العناصر المحورية لما يسميها زيترين الحلول «التوليدية» generative solutions. والحل التوليدي هو حل يوفر أساسًا للابتكار والمنتجات الجديدة والمصادر الجديدة للقيمة من خلال التجريب والابتكار الفردي (أو الابتكار المفتوح كما يقول هنري تشيزبراو Henry Chesbrough).
         فزيترين يرى الإنترنت والكمبيوتر الشخصي كتكنولوجيات توليدية، وهما كذلك بلا شك، لكنه يرى أن التكنولوجيات التوليدية تمر خلال نمط سرعان ما يقع فيه الانفتاح والمستويات الرفيعة من الثقة التي جعلتها توليدية واجتذبت حلولاً جديدة ضحيةً للاحتيال والاستغلال والأنشطة الإجرامية الصريحة.
         ويجادل زيترين بأن هذا هو ما تمر به «الإنترنت» الآن، حيث نجد الرسائل الإلكترونية غير المرغوب فيها والبرمجيات الخبيثة والانتحال وما إلى ذلك من صور الجريمة الإلكترونية والإزعاج الإلكتروني يقوضان قيمة الإنترنت كتطبيق توليدي. ويقدم الكتاب هذه الحجة بأسلوب منطقي تمامًا ويعزز حجته بأمثلة وجيهة، وهو ما يستغرق الجزء الأول من الكتاب، والذي ربما يكون الجزء الأفضل.
         تتمثل فكرة زيترين في أنه مع تعرُّض هذه التكنولوجيات التوليدية للخطر، تنتقل القيمة الكامنة من الشبكة التي تربط الأجهزة إلى هذه الأجهزة ذاتها. وهو ها هنا يقدم فكرة الأجهزة المصممة لغرض معين وغير القابلة للبرمجة بسهولة على المستوى الوظيفي وتعطي المستهلك مزيدًا من الحماية وتعطي مقدم الخدمة مزيدًا من السيطرة. وتعدّ الفكرة القائلة بأن القيمة في سبيلها إلى الابتعاد عن الشبكة فكرةً مثيرة جدًّا للاهتمام، وبالأخص في ضوء الاستقبال الحافل الذي استُقبلت به مؤخرًا أجهزة من قبيل iPhone وWii وTivo وما إلى ذلك.
         هذا الكتاب بوجه عام ليس موجهًا إلى القارئ ضعيف القلب ولا إلى مَن يقرأ كتب الأعمال والتكنولوجيا عَرَضًا. وهو عمل مكتوب بشكل جيد، ويمتلئ بالأمثلة والتفاصيل التي تصلح كقصص جيدة تُروى في حفلات الكوكتيل، لكن يغلب عليه طابع كتاب موجه نحو السياسات والعمل البحثي أكثر منه ككتاب موجه للمشتغلين بالأعمال.
         وينبغي أن يقرأ الرؤساء التنفيذيون النصف الأول من الكتاب باهتمام كبير؛ حيث إنه يفصل طريقة جديدة للتفكير في شأن الشبكة.
         أما مسئولو تطوير الشركات العاملون بشركات التكنولوجيا فينبغي عليهم قراءة الكتاب بأكمله؛ حيث إنه يصف إطارًا قانونيًا وتنظيميًا واقتصاديًا محتملاً لمستقبل التكنولوجيا. وأما قادة قطاع الأعمال فينبغي عليهم قراءة الجزء الأول من الكتاب؛ وذلك لفهم الطبيعة الحقيقية لأوضاعهم وانكشافهم للخطر في عصر الإنترنت التوليدية الحالي.
         يشرح هذا الكتاب غير العادي المحرك الذي جعل الإنترنت تنطلق من شيء منعزل إلى شيء موجود في كل مكان، ويكشف عن أن «الإنترنت» تشهد تحولاً بسبب نجاحها السريع على وجه التحديد. فالإنترنت التوليدية - بمساعدة غير مقصودة من مستخدميها - في طريقها إلى الانغلاق على نفسها لتنهي بذلك دورة من الابتكار وتيسّر أنواعًا أخرى مزعجة من الرقابة.
         تمثل أجهزة IPod وiPhone وXbox وTiVo الموجة الأولى من المنتجات المتمحورة حول الإنترنت التي لا يمكن تعديلها بسهولة من قبل أي شخص إلا بائعيها أو شركاء مختارين. وقد سبق بالفعل استخدام هذه «الأجهزة المقيَّدة» بطرق لافتة للنظر لكن غير معروفة على نطاق واسع. فأنظمة تحديد المواقع المثبتة في السيارات أُعيدت تهيئتها بناءً على طلب أجهزة إنفاذ القانون للتنصت على شاغلي هذه السيارات في جميع الأوقات، كما تلقت مسجلات الفيديو الرقمية أوامر لتدمير نفسها بنفسها على خلفية دعوى قضائية أقيمت ضد الجهة المصنّعة لها على بُعد آلاف الأميال. وتستحق تقنيات ويب 2.0 الجديدة (كتطبيقات جوجل الهجينة وفيسبوك) الثناء بحق، لكن يمكن بالمثل رصد استعمالاتها وإيقافها من مصدر مركزي. ومع تفوق الأجهزة والتطبيقات المقيَّدة على الكمبيوتر الشخصي، تصبح محض طبيعة الإنترنت (طابعها «التوليدي» أو الابتكاري) عُرضة للخطر.
         تتبع الإنترنت حاليًا مسار الفرصة الضائعة. ويجادل زيترين بأن خلاص الإنترنت يكمن في أيدي مستخدميها الذين يُعدّون بالملايين. ويبيّن هذا الكتاب - استنادًا إلى تكنولوجيات توليدية (مثل ويكيبيديا) حافظت على بقائها بعد النجاحات التي حققتها - كيفية تطوير تكنولوجيات جديدة وهياكل اجتماعية تسمح للمستخدمين بأن يعملوا على نحو مبدع ومتعاون، ويشاركوا في الحلول، ويصبحوا مواطني إنترنت صالحين.
         يتضمن الكتاب ثلاثة أقسام: الأول منها «النهوض والطفرة في الشبكات المتقدمة» (Rise and stall of the generative Net) والفصل الأول منه هو (Battle of the Boxes) ويقصد بالصناديق (Boxes) هنا النقاط النهائية (Endpoints) للشبكات أي أجهزة الحاسوب، والتي تعد بمثابة مقدمة للشبكات ويعد تقدمها مفتاحا لتقدم الشبكات، وبالتالي الإنترنت.
         أما الفصل الثاني من القسم الأول فهو «معركة الشبكات» (Battle of the Networks) ويفتتحه بالكلام عن أهمية الشبكات والإمكانات المتعددة التي يوفرها ربط الأجهزة المختلفة بشبكة واحدة كما ويوضح فيها الفرق بين الإنترنت والإنترانت (الشبكات الداخلية والشبكات العالمية) وأنه ليست كل شبكة هي شبكة عالمية أو (إنترنت) وأن الإنترنت هو ليس مجرد شبكة، بالإضافة إلى توضيح ربط الشبكات المختلفة بشبكة واحدة ويمضي في هذا الفصل قدما بشرح تطور الشبكات تاريخيا وإلى توضيح المشكلات التي دعت إلى إيجاد حلول جديدة بديلة, وينهي الفصل بالحديث عن بدايات الإنترنت ونشوئه وتطوره مع عرض المشكلات والحلول المختلفة التي رافقت تكون الشبكة العالمية. ثم يأتي الفصل الثالث من القسم الأول (أمن المعلومات والتقدم ذو الحدين), ويتناول هذا الفصل تطور الإنترنت الذي يتقدم في اتجاهين أولهما في سهولة الاستخدام وجمال التصميم والسرعة والثاني في أمن الشبكات، والجانبان لا يمكن تحقيقهما معا بسهولة.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق