الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

• سلامة المسنين في المنزل ووقايتهم من الحوادث


          يمضي قطار العمر ويصل بنا - شئنا أم أبينا - إلى مرحلة الشيخوخة، وبقدر ما يشعر الإنسان في هذه المرحلة بالنضج وأن لديه فهمًا أشمل وأوضح للحياة بقدر ما يحتاج إلى عناية خاصة تضمن له ممارسة حياته اليومية من دون متاعب.

          ويتضمن المقال التالي عددًا من النصائح والإرشادات المعتمدة على نتائج أبحاث علمية في مجال ما يعرف بعلم "كبار السن"(Gerontology)، وذلك أملاً في مساعدة كل مُسِنّ على التمتع والعيش بأمان في تلك المرحلة المهمة من حياته وكذلك مساعدة كل أسرة لديها مسن في بيتها على توفير العناية الكافية له وألا يسبب وجوده معهم أي متاعب أو أحداث غير متوقعة.
ظروف المعيشة المناسبة
          تعتبر الحوادث والإصابات من أهم أسباب الوفاة بين المسنين الأكثر من سبعين عامًا، ومن الطريف أن نعلم أنه من الممكن تجنب الكثير من هذه الحوادث إذا ما تم الاهتمام بمراعاة بعض ظروف المعيشة بالمنزل والتي قد ننظر إليها على أنها أمور ثانوية، ومن هذه الظروف الإضاءة والضوضاء والتهوية ودرجة الحرارة والألوان.
          فمن حيث الإضاءة نجد أن استعمال الإضاءة البسيطة المكونة من مصابيح صغيرة أفضل من أنظمة الإضاءة الساطعة والشديدة، ولا تفضل المصابيح الفلورسنتية لأنها تسبب آلامًا في العين، ويراعى تشغيل بعض المصابيح ليلاً لكي تساعد المسن على رؤية المكان عند قيامه ليلاً من النوم. أما عن الضوضاء فلا يتخيل أحد كم المتاعب التي تسببها الضوضاء للمسنين حيث نجد أن الأصوات العالية تساعد في سرعة فَقْد حاسة السمع عند المسن، كما أن استمرار التعرض لهذه الأصوات العالية يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض المرضية مثل زيادة إخراج البول، و زيادة الكاتكولامين Catecholamine في البول والذي يدل على حدوث خلل في بعض وظائف الكلى، كذلك قد تحدث زيادة في ضغط الدم، كما قد تظهر بعض الأعراض النفسية مثل الانعزال عن المجتمع والتوتر كما قد يتطور الأمر إلى بعض الأمراض العقلية، وعلى ذلك فإنه من المهم تجنب مصادر الضوضاء في المنزل مثل الأصوات العالية للتلفاز والمذياع والأجهزة المنزلية والمناقشات الحادة المتكررة بالمنزل.
          وتعد درجة الحرارة من العوامل المؤثرة أيضًا على صحة المسن حيث نجد أن أنسب درجة حرارة لغرفة المسن هي 24°م، وعند انخفاض درجة الحرارة عن 21° فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الجسم بشكل مرضي، كما أن الارتفاع الزائد في درجة حرارة الغرفة يؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم بشكل مرضي والذي قد يؤدي إلى حدوث ضمور في المخ، وتزداد الخطورة في حالة المرضى المسنين المصابين بالسكري أو تصلب الشرايين حيث إن درجة حرارة أجسامهم غالبًا ما تكون مرتفعة نسبيًا نتيجة لإصابتهم بهذه الأمراض.
أهمية الألوان والتهوية
          وللألوان بالمنزل دور مؤثر في الحالة النفسية للمسن، فالألوان الدافئة كالأحمر والبرتقالي والأصفر تعطي حالة من النشاط وفتح الشهية للطعام حيث إنها تساعد على سرعة النبض وزيادة ضغط الدم وبالتالي يجب توافرها في غرف الطعام والمعيشة.
          التهوية من العوامل المهمة أيضًا حيث يجب المحافظة على التهوية المستمرة للمنزل وتفادي الروائح الكريهة وذلك عن طريق فتح النوافذ في الأوقات المناسبة ولمدد غير طويلة حيث يجب تجنب تيارات الهواء الشديدة في الغرف، ويجب تهوية الأغطية مع المحافظة على نظافتها، ويراعى تجنب استخدام معطرات الجو أو مزيلات الروائح التي تحتوي على مواد كيماوية حيث إنها تؤثر على صحة المسنين.
تنظيم المنزل
          هناك بعض الاعتبارات التي يجب مراعاتها في تنظيم المنزل الذي يقيم به المسن بما يساعد على تجنب الكثير من المتاعب والحوادث للمسن، وتتعلق هذه الاعتبارات بالسلم (الدرج)، أغطية الأرضيات، والأثاث، حيث نجد أن السلم أو الدرج يمثل مشكلة المشكلات للشخص المسن فهو يعاني من عدم القدرة على صعوده أو نزوله.
          ويعتقد العديد من الناس أن السجاد يعطي الدفء والراحة وأن استخدامه في المنزل يقلل من حوادث السقوط، ولكنه يعتبر مشكلة بالنسبة للمسن الجالس على كرسي متحرك أو يعتمد على «المشاية» حيث إنه يسبب صعوبة في حركة الكرسي أو «المشاية» إلى جانب أنه سريع الاتساخ، وكذلك فهو بيئة مناسبة لوجود الميكروبات ونموها فيه عند وجود رطوبة.
أماكن الخطورة في المنزل
          تعتبر «دورة المياه» و«غرفة المطبخ» من أماكن الخطورة في المنزل بالنسبة للمسنين والتي يجب مراعاة بعض الاعتبارات في تصميمها، حيث يلزم الاهتمام بتوافر الإضاءة الجيدة بدورة المياه، ويجب مراعاة أن تكون صنابير المياه بها سهلة الاستخدام، وتجنب أن يكون مقبض الصنبور دائريًا لأنه يحتاج إلى مزيد من الجهد في الفتح، والصنبور المناسب للمسن هو الصنبور البسيط الذي يكون له قطعة واحدة يتم تحريكها مرة واحدة للفتح ومرة أخرى للقفل، ويجب التمييز بين صنبور الماء الساخن وصنبور الماء البارد بلونين مختلفين، ويجب وضع مساند على الحوائط وخاصة بجوار المرحاض بحيث يمكن للمسن أن يستند إليها أثناء حركته في دورة المياه، ويجب استخدام كرسي للاستحمام يوضع في حوض الاستحمام (بانيو) بحيث يجلس عليه المسن أثناء الاستحمام.
          وتعتبر غرفة المطبخ من أخطر الأماكن بالمنزل بالنسبة للمسن لذا يجب توافر عناصر الأمان بها، حيث يفضل استخدام موقد (بوتاجاز) يعمل بالكهرباء بدلاً من الغاز الذي قد يحدث له تسرب، كما يجب التأكد من عدم وجود مواد قابلة للاشتعال بالقرب من الموقد، ويجب توافر مطفأة للحريق مع وجود باب للخروج في حالة حدوث حريق، كذلك يجب التأكد من سلامة الثلاجة وسلامة الغذاء بداخلها وأنه لم يتجاوز مدة صلاحيته للاستهلاك.
          هذه بعض الاعتبارات العامة التي يجب الاهتمام بها لمساعدة المسن لتجنب الكثير من المتاعب والمشاكل أثناء ممارسته حياته اليومية في المنزل الذي يقيم به، ويظل هناك عامل آخر لا يقل أهمية عما سبق ذكره ألا وهو ضرورة أن يكون لدى المسن الوعي الكافي بأنه في مرحلة عمرية تفرض عليه أن يكون أكثر حرصًا في ممارسة أنشطة حياته وأن يتجنب مخاطرة القيام ببعض الأعمال التي كان يسهل عليه أداؤها في شبابه ولكن قد تسبب له متاعب وحوادث إذا حاول القيام بها في هرمه، وهذه سنة الحياة.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق