الخميس، 14 فبراير 2013

• حريم السلطان.. مسلسل شغل العالم



          نجح المسلسل التركي «حريم السلطان» في جذب ملايين المشاهدين منذ عرض حلقاته الأولى ليس في تركيا فقط بل في جميع المدن العربية، واستطاع المسلسل ايضًا أن يجلب أعدادًا كبيرة من الإعلانات مما جعل الفضائيات العربية تتسابق من أجل الفوز بعرض أجزائه (الأول والثاني) والتعاقد على حق عرض الجزء الثالث منه الذي يعرض حاليًا على التلفزيون التركي.

          ويعد حريم السلطان (التسمية الحقيقة للمسلسل: القرن العظيم MuhteSem YUzyil) من أضخم الأعمال الدرامية التاريخية التركية على الإطلاق، والمسلسل الذي حقق أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ الدراما التركية تم إنتاجه في اسطنبول عام 2010 وأخرجه دورول وياغمور تيلان اللذان يشتهران بالأخوان «تيلان» في نسختين تركيتين ونسخة واحدة مدبلجة للعربية، وقامت الكاتبة التركية «ميريال أوكاي» بتأليفه. قصة مثيرة بين الحقيقة والخيال، يرجع تميز «حريم السلطان» على باقي المسلسلات التركية لكونه يجمع بين الدراما والتاريخ، حيث اعتاد المشاهد العربي عموما على مسلسلات تاريخية تعرض فقط لقوة البطل العسكرية وفترة حكمه وازدهارها ومشاهد المعارك والقتل والانتصار، بعيدًا عن الحياة الشخصية والاجتماعية للملك أو السلطان.
          أما حالة «حريم السلطان»، فقد جمعت الكاتبة «ميريال أوكاي» بين الحقيقة التاريخية لازدهار الإمبراطورية العثمانية في عهد سليمان القانوني وتوسعها لتضم ثلاث قارات هي آسيا وإفريقيا وأوربا، وبين الإثارة الاجتماعية لحياة السلطان وعائلته وحريم القصر أي الجواري بالحرملك (أي محيط الجواري أو الحريم السلطاني)، والذي لا يعرف خباياه سوى السلطان وأقرب المقربين إليه، وهو الأمر الذي جعل المسلسل يجمع بين التاريخية والدرامية من جهة وبين الحقيقة والخيال من جهة أخرى.
          ويسلط مسلسل «حريم السلطان» الضوء على الأحداث التي تجري في الحرملك، حيث يركز على علاقة الحب التي جمعت السلطان سليمان بإحدى جارياته من أصل روسي «ألكساندرا أو روكسالان» خارقًا للتقاليد العثمانية آنذاك، لتصبح لاحقا «هوريم أو هويام» زوجته وذات نفوذ وتأثير كبيرين في حياته والدولة العثمانية بأكملها، عبر سلسلة من المكائد راح «مصطفى» ابنه من زوجته الأولى «ناهد دوران» وولي عهده ضحيتها من أجل أن يتولى ابنها «سليم الثاني» الأمر بعد سليمان.
          استطاعت الكاتبة «ميريال أوكاي» أن تخترق حياة الحرم السلطاني عن طريق الخيال لاعتبار أن عالم الجواري وعلاقته بالسلطان كان يمتاز بالسرية التامة آنذاك، وكان الحرملك ممنوعًا على أي رجل باستثناء السلطان والطواشي وآغا الحريم.
          ويتم استقدام الجواري إما بانتقائهن من المدينة أو أخذهن سبايا من الحروب ليتم استقدامهن إلى القصر وإيداعهن بالحرملك حيث يصبحن خادمات للقصر مع تعليمهن الكتابة والرسم والموسيقى والخياطة. كما لا يحق لهن الزواج، لكنهن يبقين تحت إمرة السلطانة الأم (السلطانة عائشة حفصة) تقوم باختيار وانتقاء أحسن جارية وإهدائها لابنها السلطان كي تبيت معه في «الخلوة» أمام مرأى ومسمع الجميع بمن فيهم زوجته السلطانة التي لا تستطيع أن تمانع ذلك. الإطلالة على حياة الحريم ونساء السلطان من خلال المسلسل تعطي انطباعًا حقيقيًا على أن كل نساء القصر ليس لهن الحق في عدة أمور حتى الحب والرأي أو الرغبة في الزواج، بل إن الجميع ينحني للسلطان ويركع له ويتم تقبيل أسفل ثوبه تعبيرًا عن سمو سلطانه وملكه. كما أن عملية إهداء الجواري للسلطان لا تتم قبل فحصها كاملة، لأن احداث المسلسل تدور حول قصة حياة السلطان سليمان القانوني الذي حكم الدولة العثمانية في فترتها الذهبية من سنة 1520 ميلادية وحتى وفاته سنة 1566.
          وهو الذي أوصل بحكمه الدولة العثمانية إلى ذروة مجدها. ويعتبر أهم حاكم في تاريخ الدولة العثمانية. تدور أحداث مسلسل «حريم السلطان» خلال فترة القرن السادس عشر، ويستعرض الأحداث التي تجري في مقر حريم السلطان المعروف بالحرملك السلطاني، ويسلّط الضوء على علاقة الحب التي جمعت السلطان مع إحدى الجاريات التي تصبح لاحقًا زوجته وذات نفوذ وتأثير في حياة السلطان. ويستهلّ المسلسل حلقاته الأولى بصعود السلطان سليمان صاحب الحق الشرعي إلى السلطة بعمر 26 عامًا، بعد أن وضع نصب عينيه هدف تأسيس امبراطورية أقوى من سلطة الإسكندر الأكبر وأن يجعل من العثمانيين قوة لا تقهر، وليصبح خلال فترة حكمه التي دامت 46 عامًا، السلطان الشاب، والمحارب الحاكم الكبير، بعد تلقّيه نبأ تتويجه في حفلة صيد العام 150 غير مدرك أنه سيحكم في ما بعد إقليمًا يتجاوز أحلامه. وعند تنصيبه كحاكم للدولة العثمانية ترك زوجته (ماهيدفران) وابنه الصغير مصطفى وقصره في (مانيسا)، لينطلق بصحبة صديقه المقرّب ورفيقه إبراهيم للوصول إلى قصر توبكابي في العاصمة الأستانة. وفي هذه الأثناء، أبحرت سفينة عثمانية إلى البحر الأسود لجلب النساء هدايا للقصر، من بينهن (ألكساندرا لا روسا)، ابنة كاهن أوكراني أرثوذكسي بيعت للقصر. والتي ستصبح في المستقبل (هوريم)، زوجة السلطان سليمان وستنجب منه سليم الذي سيتولى حكم الدولة العثمانية بعد وفاة أبيه عبر سلسلة من المكائد وسفك الدماء التي دفع ثمنها وزيره الكبير إبراهيم. إضافة إلى إعدامه لأحد أبنائه كي تستمر لعبة السلطة الدموية، حيث الغاية تبرّر الوسيلة وكل شيء يصبح مقبولاً من أجل أن تنتصر لعبة السياسة والسلطة.
          وتقدم لنا مؤلفة المسلسل «ميريال اوكاي» هذه الأحداث الشائقة على مدار أجزاء المسلسل الثلاثة، والذي تم من خلال هذه الاجزاء، تنفيذ ديكورات هذا المسلسل ببراعة فائقة، حيث احتوى ديكور قصر «توبكابي» الفخم المكون من خمس عشرة حجرة على أرضيات من الرخام الحقيقي، كما تضمن ديكور القصر أعمالاً خشبية مصنوعة يدويًا، بالإضافة إلى قاعة العرش التي تم تقليدها بدقة متناهية، وتم تنفيذ الديكورات والملابس والإكسسوارات الخاصة بالمسلسل بتكلفة ضخمة جدًا تفوق أضعاف تكلفة أي مسلسل آخر، وهذا ما جعل المشاهد يشعر بمصداقية ويتعرف عن قرب، على عظمة وجمال هذا العصر.
          ولقد تمت دبلجة المسلسل باثنتي عشرة لغة، وعرض في خمس وأربعين دولة، حقق من خلالها نجاحًا باهرًا لم يحظ به أي مسلسل درامي من قبل، ورغم أنه مسلسل تاريخي وشخصيات المسلسل كانت حقيقية، ولكن تمت دبلجة بعض أسماء شخصيات المسلسل، نظرًا لصعوبة نطق أسماء الشخصيات الأصلية مثل روكسلان الجارية التي احبها السلطان، فتحولت بعد الدبلجة إلى ألكسندرا، وعندما أسلمت وغيرت اسمها إلى «هوريم» أو كما يقولها العرب «خوريم» تمت دبلجة الاسم إلى هويام, وزوجة السلطان الثانية «ماهدوران» تحولت إلى ناهد دوران، و«جولفدان» زوجة السلطان الأولى التي لا تنجب تحولت إلى أُلفت، الكثير من الشخصيات تم تغيير أسمائها، أما أسماء المدن والدول فلم يتم تغييرها في المسلسل لسببين. الأول أن أسماء المدن والمناطق باتت معروفة الآن. وثانيًا، مسلسل حريم السلطان مسلسل تاريخي، لهذا لم يستطع الكاتب تغيير أسماء القصور أو حتى المعارك. ومن هنا فإن الدوبلاج حافظ على أسماء البلدان التركية ليس في هذا المسلسل فقط، بل في جميع المسلسلات. ولهذا يعود الفضل في معرفة الشعب العربي بالمناطق التركية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق