الأربعاء، 1 مايو 2013

• المدينة العربية.. صورة لانتكاسة الحداثة

          
حين يتأمل المرء كثيراً مما يحدث اليوم في عالمنا العربي، قبل الانتفاضات والثورات العربية المتصاعدة وما بعدها، يشعر أن هناك غياباً شبه تام لقيم المدنية أو ثقافة المدينة بما تعنيه من سعي للحداثة وإعلاء قيم الاختلاف والتسامح وقبول الآخر الوطني لصالح زحف جلي لقيم مغايرة تماماً تأتي من الريف أو الصحراء بكل ما تعنيه من عقليات محافظة وحنين جارف إلى الماضي ونفور من الحداثة وتسييد للقيم والعلاقات العائلية والقبلية.
  • ظاهرة الترييف في المدن والسلطة والثقافة العربية معاكسة للاتجاه المفترض لتطور الحياة العامة والسياسية، وبالتالي تكون من أسباب فشل التنمية والإصلاح والمشاركة السياسية .
  • يمكن تأمل أحوال الجامعات ومراكز التعليم في عدد من الدول العربية، لنرى كيف أن قيم الريف قد أصابتها هي أيضاً وافتقد الكثير القيم العلمية والمهارات والإمكانات، وأحلت مكانها تلك القيم الوافدة من الأرياف  لتسود وتطبع التعليم بطابعها، فأصبح النجاح والتفوق مرتبطين بالقرابة العائلية والأسرية والقبلية.
  • حين نتأمل اليوم ما تحولت إليه عملية التغيير التي حدثت بسبب ثورة التونسيين والمصريين والليبيين على النظم العسكرية التي أسقطوها، نجد أن النتائج التي وصلوا إليها تختلف كثيرا عن المحفزات التي قامت لأجلها تلك الثورات، والتي كانت تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر.
  • المدن العربية حتى إذا لم تكن قد تعرضت لظاهرة الترييف تعاني في الأساس العديد من مظاهر سوء التخطيط العمراني، وتحتاج إلى الكثير من الجهود لتطوير مظهرها عمرانياً بحيث يتلاءم مع الحداثة.
          إن الجهود التي بذلت على مدى عقود عدة أعقبت انتهاء التبعية العربية للسلطنة العثمانية، من أجل تحديث المجتمعات العربية، بما تضمنته، تلك الجهود، من تحديث نظم التعليم والتفكير والإدارة واستبدال القيم الحديثة للمدينة بقيم الريف أو الصحراء المحافظة، أصبحت اليوم في تراجع ملحوظ جعل الكثير من مدننا العربية تبدو كأنها تمدنت شكلاً، بينما على مستوى المضمون أصبحت أسيرة لقيم متخلفة بكل ما يعنيه ذلك، مما يحدث الكثير من مظاهر التناقض التي نراها الآن حولنا في كل مكان.
          بقول آخر يمكننا أن نرى اليوم في كثير من مدننا العربية الجماهير العريضة تستخدم أحدث السيارات وتستخدم أحدث تكنولوجيا الاتصال سواء تمثلت في الهواتف المحمولة بالتطبيقات الإلكترونية الجديدة أو في الحواسب الشخصية المحمولة المتنوعة، بينما على مستوى التفكير والسلوك والقيم الشخصية لا نرى انعكاساً لقيم الحداثة والتمدن، مما يؤثر سلباً وبشكل واضح على مجتمعاتنا العربية، وربما بلا استثناء.
          واقصد هنا بكلمة الريف أو الصحراء بأنه منظومة من العادات والقيم والأعراف التي تسبق الدولة المدينة، التي تقوم على المؤسسات والقوانين والمبادئ الوطنية، وهي منظومة تأسست على ظروف طبيعة الحياة اليومية في الريف كمجتمعات زراعية أو الصحراء وروابطه القبلية، ومن بين مفردات هذه المنظومة سيادة الفكر الأحادي الإطلاقي الذي لايؤمن بالتعدد أو التعايش بفعل البيئة أحادية اللون التي نما وترعرع فيها ابن الريف أو القبيلة في الصحراء، وغياب المنهج العلمي في التفكير والارتكان إلى الأفكار التواكلية التي تعود لذهنية الإنسان الذي ينتظر حصاد الثمار على اعتبار أن نشاط الزراعة لا يحتاج إلا إلى قدر قليل من الجهد, ووراثة النظم الإدارية كنظم عشائرية يتولاها أعيان العائلات بعيدا عن الكفاءة وتكافؤ الفرص، وتغليب للمصلحة الشخصية على المصلحة العامة وفق الأعراف المبنية على أساس من تقديس وتقديم رابطة الدم على غيرها من روابط.
          وهذه السمات في واقع الأمر تتناقض كثيراً مع القيم المدنية المرتبطة بالتحديث التي عرفتها المجتمعات الصناعية القائمة على تقسيم العمل، وعلى الإنتاج، ومراعاة أهمية الوقت والاعتراف بحق الآخر، وغيرها من قيم مثيلة. ويبدو أنه مع تزايد الهجرات من الأرياف والصحارى إلى المدن خلال العقودالخمسة الماضية في أغلب الدول العربية، مع إصرار المهاجرين على الانتقال بموروثهم الثقافي المحافظ وعدم قبول القيم المدنية التي كانوا قرروا الانتقال إليها، تكونت تدريجياً ظاهرة ترييف المدينة، بمعنى انتقال وسيادة موروث الريف الاجتماعي والأخلاقي والسلوكي إلى المدينة بدلاً من أن تقوم المدينة بتصدير ثقافة الحداثة إلى الريف.
غياب التنمية المحلية
          ولا شك أن جانباً كبيراً من أسباب هذه الأزمة يعود لغياب التنمية المحلية في الريف العربي، وتركيز أغلب الدول العربية في موضوع التنمية والتحديث على المدن الكبرى، وسيادة مفاهيم الإدارة المركزية التي من طبيعتها الاهتمام بالمركز على حساب الأطراف. ومع زيادة أعداد المهاجرين إلى المدن تزايدت أعباؤها في ظل انعدام وسائل التخطيط العمراني الحديثة، ما تسبب في النهاية في خلق ظاهرة إقامة الضواحي الأهلية العشوائية على يد النازحين والمهاجرين من الساعين للبحث عن الرزق حول المدن الكبرى، الأمر الذي أدى في النهاية إلى كوارث عديدة نشهد اليوم الكثير من تبعاتها من مثل شيوع مظاهر التمرد على القانون واستخدام العنف من قبل هولاء الخارجين على القانون، والكثير من المشردين والفقراء وفاقدى فرص التعليم، ومثلاً كما يشير الروائى المصري الكبير جمال الغيطاني في مقال نشره أخيراً يرصد فيه الظاهرة التي شوهت وسط البلد في العاصمة المصرية القاهرة، حيث يصف كيف أخفت البضاعة، التي يعرضها الباعة الجائلون المتحدرون من الأرياف في وسط المدينة، كل مظاهر العمارة العصرية الحديثة التي عرفت بها وسط البلد في القاهرة، وأكدت غياب القانون وانتشار العشوائية. وهذه الملاحظة تنطبق على أغلب العواصم والمدن العربية.
          وهذه الظاهرة هي وجه آخر من وجوه ترييف المدينة من حيث تحويلها من مدينة منضبطة تقوم على المؤسسات والقوانين المدنية إلى مدينة مفرغة من المؤسساتية لا تحكمها القوانين، بل العشوائية والرغبات الذاتية لسكان المدينة بالشكل الذي يؤذي المدينة ويعوق تطورها وتنميتها. أي أن الترييف المستمر للمدينة يؤدي في النهاية إلى إعادة إنتاج ريف آخر يقع في حيز المدينة بينما يستمد آلياته وقيمه من نظم تسبق النظام الاجتماعي المديني.
          خصوصا أن مفهوم «المؤسسة» يقترن بمفاهيم ويحمل في جوهره فلسفة خاصة تعتمد على الموضوعية، والتعددية، وتحييد المشاعر، وحرية تداول المعلومات، واعتبار الموظف رصيداً إنسانياً ومهنياً.
          ويرى الباحث الأردني إبراهيم غرايبة في هذا الصدد أن «المجتمعات والحضارات تتجه في مسارها العام إلى التمدن، على اعتبار أن المدن كانت مركز الحكم والثقافة»، ويفترض أن ظاهرة الترييف في المدن والسلطة والثقافة العربية معاكسة للاتجاه المفترض لتطور الحياة العامة والسياسية، وبالتالي تكون من أسباب فشل التنمية والإصلاح والمشاركة السياسية والعامة.
          ويرى أن الكارثة العربية تقع في استخدام الأدوات والمناهج الريفية لإدارة دول ومؤسسات ومجتمعات مدنية كبرى، مضيفا أنه «إذا كانت الثقافة الريفية أو البدوية تكونها تجمعات صغيرة قائمة على نمط معين من الإنتاج والانتماء والحماية، فلا يمكن تصور كيف ستنظم هذه الثقافة تجمعات سكانية ومهنية وسياسية كبرى ومعقدة لا يربطها ببعضها ما يربط المجموعات الصغيرة من السكان المتشاركين في النسب والمصاهرة والعمل والحياة»، كما يرى أن الديمقراطية أولى ضحايا الترييف إذ لا يمكن ترسيخها دون مدينة، فهي عقد اجتماعي مع المكان، وتحققها منظومة سياسية واجتماعية وشروط بيئية محيطة تجعل تنظيم الحياة السياسية والعامة عقدا تلتزم به الأطراف جميعها، وتجد فيه مصالحها، ومن دونه تضيع هذه المصالح، وتتعثر عمليات تحقيق الحاجات الأساسية، وهذا لا يتم إلا في مدينة حقيقية يتجمع فيها الناس وينظمون أنفسهم على أساس مصالحهم واحتياجاتهم».
          وإذا رصدنا هذه التحولات فإننا نجد بذورها الأولى تعود للفترة التي تولت فيها الحكومات الوطنية العسكرية الحكم لأول مرة، بعدالتخلص من مرحلة الاستعمار الأوربى المباشر، من خلال قوانين إصلاح الأراضي الزراعية وتمليك الأراضي للفلاحين، ومجانية التعليم، كما حدث في عهد عبدالناصر في مصر وسورية، وعبدالكريم قاسم في العراق، إذ بدأ عدد كبير من الشباب يتحولون إلى التعلم والاستفادة من مزايا النظم الجديدة، ما أدى إلى ارتفاع حظوظ العديد من الفئات الريفية، لكن الأمر تحول بالتدريج إلى واقع مختلف تماماً وربما إلى النقيض. مما كان يرجى من ذلك الإصلاح، ويمكن أن نلاحظ مثلا نموذجاً باهراً في هذا الصدد وهو الكيفية التي كان يتم بها انتقال شخص ريفي مثل عميد الأدب العربي طه حسين حين، انتقل من القرية التي أدت سبل العلاج البدائي فيها إلى إصابته بالعمى، إلى المدينة، حيث نهل من علمها وتشرب بثقافتها ثم عاد لقريته لنشر ما اكتسبه من علم وقيم جديدة للارتقاء بها، وأصبح هذا الريفى من أبرز رواد التنوير وقادة الحداثة ليس في مصر وحدها، بل على امتداد العالم العربى كله، ومثال طه حسين كثيرون في المدن العربية في زمنه ممن أسسوا الجامعات ومراكز الأبحاث العلمية، فكانت المدينة قاطرة للريف وليس العكس.
قيم الريف وتكريس ارتباط النجاح بالقبلية      
          أما اليوم فيمكن تأمل أحوال الجامعات ومراكز التعليم في عدد من الدول العربية، لنرى كيف أن قيم الريف قد أصابتها هي أيضاً وأصبح جلياً كيف يفتقد الكثير من القائمين على عملية التعليم الجامعي القيم العلمية والمهارات والإمكانات، وأحلت مكانها تلك القيم الوافدة من الأرياف والروابط القبلية لتسود وتطبع التعليم بطابعها، فأصبح النجاح والتفوق مرتبطين بالقرابة العائلية والأسرية والقبلية.
          ويرى البعض في تحليل الظاهرة أن ترييف المدينة يعني إزاحة القوى المدينية إلى غير رجعة من قبل الريفيين الذين لم يطرحوا مسألة المشاركة بين المدينة والريف بديلاً عن هذه الحرب الشعواء. ويقول الكاتب السوري نهاد سيريس في هذا الصدد، ووصفاً لحالة الترييف في سورية: «لم تكن القوى المدينية هي التي أعلنت حربها على القوى الريفية، بل العكس هو الصحيح، فبينما كانت هذه القوى تعتمد على صوت الناخب (المديني والريفي) لتحكم، كان الريفي الذي ارتدى البزة العسكرية يؤمن بإخضاع الآخر ويضيق صدره من المجادلة (نفذ ثم اعترض). لقد اعتمد الريفي في الترييف على عسكرة المجتمع فقام بإلغاء مؤسسات المجتمع المدني عوضاً عن ذوبانه فيها، هذه المؤسسات التي تضج بالحركة والنقاشات وتعلو فيها الأصوات التي تناقش بصوت عالٍ أمور البلد ومستقبله ليجعل المجتمع سكونياً هادئاً هدوء القرية. الريفي لا يحب الاختلاف بالصوت ولا بالشكل فقد تعود أن يرى جمهرة معينة من الناس ككتلة متشابهة لا اختلاف فيها بالألوان، ولذلك فإنه يبتكر اللباس الموحد في كل مراحل الدراسة ولو كان بيده لجعل الناس جميعاً يرتدون السفاري على الطريقة الماوية». (ماوتسي سونج).
          كما أن هناك العديد من المتغيرات الاجتماعية التي يمكن ملاحظتها في دول عربية عديدة اليوم أصبحت سمة شائعة إثر زيادة نسبة ترييف المدن العربية وتتعلق بظاهرة الاختلافات الطائفية أو ارتفاع نبرة القوى الرجعية التي تود أن تفرض رؤية واحدة على سلوك الأفراد وادعاء امتلاكها لهذا التصور بوصفه مرجعية أخلاقية مستمدة من الريف أو مرجعية دينية مستمدة من الدين. وأدت هذه الظاهرة إلى شيوع حالة من الاستقطاب الشديد بين أتباع الطوائف المختلفة أو الأديان المختلفة من سكان الدولة الواحدة في مناطق واسعة من عالمنا العربي، وشيوع نبرات التخوين المتبادل أو إقصاء كل طرف للآخر، بل وحتى وصولاً للتكفير المتبادل، بدعوى امتلاك كل طرف للحقيقة التي لا يمتلكها غيره، حيث إن المدينة حين تريفت فقدت أحد أبرز وأهم ملامح خصوصيتها وهي قدرتها على احتضان الاختلافات العقائدية والطائفية والثقافية.
          وحين نتأمل اليوم ما تحولت إليه عملية التغيير التي حدثت بسبب ثورة التونسيين والمصريين والليبيين على النظم العسكرية التي أسقطوها، نجد أن النتائج التي وصلوا إليها تختلف كثيرا عن المحفزات التي قامت لأجلها تلك الثورات، والتي كانت تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر بشعارات وطنية وبحماس جيل جديد يرى أن القيم المدنية هي السبيل الوحيد لاستعادة أوطانهم لمكاناتها التي أرادوا بالثورات أن يحققوها، لكن المدهش أن الفصيل السياسي الممثل بالقوى ذات الطابع المحافظ المغالي في تراثيته والتي استثمرت ذلك الترييف على مدى عقود من غفلة الحكومات الدكتاتورية، هي التي تسلمت السلطة وتحاول جاهدة، إن استطاعت، أن تفرض تلك القيم غير المدينية، على الحكم والمجتمع.
غياب فكرة المؤسسات
          وخلال الفترة التي تولت فيها تلك القوى الحكم أو السلطة انكشفت المظاهر الريفية التي تتغلغل في ذهنيات تلك الجماعات مجسدة في غياب أهمية وجوهرية فكرة المؤسسات في ثقافة الحكم، وخاصة فكرة القانون والاعتراف بالآخر وحماية حقه كاملاً في المشاركة، وغياب أي معرفة بوسائل الإدارة وفقا للمناهج العلمية الحديثة، إضافة إلى شيوع العديد من الأفكار التي عبر بها هذا الفصيل عن أفكار الكثير من المنتمين إليه من رجعية وغياب لمفاهيم العمل السياسي على أساس التعددية الحزبية، إضافة إلى امتلاك نظرة دونية عازلة تجاه المرأة كما يشيع في المجتمعات الريفية بشكل عام.
          وهناك العديد من مظاهر هذا الترييف التي تتخذ أشكالاً عديدة سواء في العمارة أو تشويه العمارة المدنية القديمة، أو في مظاهر التغيير التي حدثت في أزياء سكان المدن من المهاجرين من الريف الذين يرتدون الملابس التي يعتبرونها جزءاً من القيم التي وفدوا منها، ممثلة على سبيل المثال في الإصرار على ارتداء ما اعتادوا عليه وما يخالف ما ساد في المدن من أزياء عصرية حديثة. وعدم الاهتمام بالجمال والقيم الفنية، مما يؤثر سلباً على المظهر العام للكثير من المدن العربية التي أصبحت مظاهر القبح وعدم النظافة سمتين رئيستين في العديد منها.
          وبالتالي فإننا اليوم نرى أن التحدي الكبير الذي يواجه أي حكومة عربية تسعى لتحديث مجتمعاتها وتحقيق التنمية يتمثل في توجيه الجهد الأكبر لوقف زحف الهجرات الريفية للمدن من خلال الارتقاء بخطط تنمية القرى والمجتمعات الريفية وتحسين سبل الحياة بها، وتوفير فرص عمل جيدة لسكانها وفرص تعليم جيدة لأبنائهم ورفع مستوى الوعي العام لهم وخلق توازن حقيقى بين المدينة والريف من خلال توحيد فرص التعليم والمناهج والصحة والوظائف والسكن لتصبح المدينة مرة أخرى قاطرة للريف وقائدة لتطويره.
الحاجة إلى التمدن
          مع الأخذ في الاعتبار أن التمدن ليس حاجة ترفيهية أو فلسفية أو مجرد ترف فكري، بل العكس تماماً، فالتمدن، حتى لغوياً، ضرورة يقتضيها نشوء المدن، فلا يمكن إقامة مدن وجامعات ومصانع ومستشفيات حديثة وأجهزة نيابية وقضائية وإدارية دون أن يصاحب ذلك ثقافة مدينية لإدارتها وتنظيمها.
          فالمدن العربية حتى إذا لم تكن قد تعرضت لظاهرة الترييف تعاني في الأساس العديد من مظاهر سوء التخطيط العمراني، وتحتاج إلى الكثير من الجهود لتطوير مظهرها عمرانياً بحيث يتلاءم مع الحداثة، إضافة إلى أن المدن العربية كما شأن غالبية دول العالم اليوم تواجه العديد من التحديات المتمثلة في مواجهة أضرار التغيرات المناخية وزيادة نسب التلوث، وكيفية مراعاة القوانين البيئية الجديدة، لكن ظاهرة الترييف ستظل تقف كحجر عثرة أمام أي جهود من هذا النوع، وستؤدي إلى تشتيت جهود المسئولين في وقف مظاهر الترييف من جهة وإعادة التخطيط وإيجاد الحلول اللازمة لمواجهة الكثافة السكانية التي تعاني منها غالبية الدول العربية اليوم من جهة أخرى.
          إن مواجهة ظاهرة ترييف المدن العربية أصبحت ظاهرة جديرة بالاهتمام من مختلف الأطراف وبالنقاش والبحث عن سبل العلاج المناسب لها، لأنها إذا استفحلت أكثر مما هي عليه الآن، فقد تؤدي إلى المزيد من فشل الإدارات المحلية الوطنية في الكثير من الدول العربية، في إدارة ملفات التنمية، إضافة إلى أن الظاهرة إذا تفاقمت فقد تتحول إلى قنبلة جاهزة للتفجير وقد يؤدي انفجارها حتماً إلى الكثير من الدمار والفوضى اللذين لم تعد المنطقة العربية على استعداد لتحمل المزيد منهما في الوقت الراهن على الأقل.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق