الخميس، 1 أكتوبر 2015

• المقالة الرقمية وتطور الأدب

من الجلسات أو الموائد المهمة والجديدة التي عقدت في ملتقى القاهرة الرابع للإبداع الروائي العربي، مائدة مستديرة عن الرواية الرقمية، تحدث فيها عدد من أعضاء اتحاد كتاب الإنترنت العرب، وعدد من غير الأعضاء، وأدارتها المستشرقة الأميركية د. مارلين بوث بقاعة الفنون بالمجلس الأعلى للثقافة، ووصفت الكاتبة المغربية د. زهور كرام هذه المائدة بأنها الجديد والمتغير في هذا الملتقى.

في البداية تحدث د. سعيد يقطين (المغرب) وتساءل هل الرواية الرقمية تجريب جديد أم تجربة جديدة؟ وقال إننا لم نصل بعد إلى تحديد نهائي للإجابة عن هذا السؤال.
فإذا كانت "تجريب جديد" فنحن ننطلق بهذا من الامتداد للرواية الجديدة خصوصا، وأن الرواية الرقمية تطوير لها بتجاوز البعد الورقي، وتختلف عن الرواية المطبوعة لأنها تستخدم الأدوات المتفاعلة.
ويعرف سعيد يقطين الرواية الرقمية بأنها نص متعدد العلاقات لا يقف فقط عند البعد اللفظي، فهو نص الصوت والصورة، كما أنها لا يمكن أن تُنتج إلا من خلال الحاسوب، وبالتالي فإنها نوع جديد لا صلة له بالرواية الجديدة.
وقال يقطين إن الرواية الرقمية نتاج لصيرورة في تاريخ الرواية، والرواية مرت بأربع مراحل هي:
1)   من البدايات وحتى الحرب العالمية الثانية.
2)   ثم الانتقال من السرد إلى الشعر إلى النص، ومن الشفوي إلى الكتابي، وهنا الرواية تميزت بأنها تقوم على القصة المحكمة البناء التي لها بداية ونهاية وبعد خطي.
3)   من الرواية إلى اللارواية في الخمسينيات والستينيات، حيث انتقلنا من التجربة إلى التجريب، وتكسير بناء القصة، والميتارواية، حيث الوعي من داخل الرواية.
4)   المرحلة الرابعة وهي الخاصة بالرواية الرقمية التي كتبها مايكل جويس عام 1985 وبها تم تسجيل تاريخ هذا النمط الجديد.
ويوضح يقطين أننا سننتقل من النص المكتوب إلى النص المعاين بسبب استعمال وسيط جديد للإنتاج والتلقي، يربط بين شذرات النص والبنيات المختلفة، وهو تجربة جديدة، فالوسائط المتعددة تلعب دورا مهما على مستوى إنتاج السرد وتلقيه، والرواية الرقمية هي التي يتم إنتاجها بالوسيط الجديد، وتتميز بعنصرين اثنين هما: البعد الدينامي أو الحركي، فالنص متحرك، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الحاسوب، والعنصر الثاني هو البرمجة.
ويضيف أن زمن الإبداع لا ينتهي مع انتهاء الرواية كما هو الحال في الرواية العادية، وفي زمن المعاينة.
وعن أصول الرواية الرقمية قال يقطين إن للرواية الرقمية أصولا في الميتارواية، وفي الآداب الموازية مثل الرواية المصورة والرواية ذات القارئ البطل، وفي الوسائط المتعددة، وبخاصة ألعاب الفيديو، فالقارئ أو اللاعب هو الذي يؤسس الرواية الرقمية.
وعن أنواع الرواية الرقمية أوضح أن هناك عدة أنواع منها:
1)   الرواية المترابطة: ولها مواصفات خاصة، لأنها تنتج من خلال برنامج مخصص يستجيب لخصوصيات إنتاج الرواية مثل "السرد"، وكأنه آلة من خلالها يخلق فضاء للكتابة والصورة، وهذا البرنامج أداة مساعدة أسهم فيه مهندسون أو مبرمجون وروائيون.
2)   الرواية المشتركة (الجماعية).
ويرى سعيد يقطين أن الرواية الرقمية تجريب جديد لتجربة جديدة، وأوضح أن إنتاج هذه الرواية تأخر عندنا في الوطن العربي، ولكن لا محالة من وجوده، فنحن أمام تحول حقيقي، وأضاف أن الفرنسيين مثلا متأخرون في هذا المجال.
ويختم د. سعيد يقطين مداخلته في مائدة "الرواية الرقمية" المستديرة بأن النقد الأدبي سيصبح مختلفا أيضا، فالناقد سيعرف أننا أمام صناعات جديدة للكتابة، وسيصبح منخرطا في هذا المجال، ويؤكد أنه سيكون هناك ارتقاء بالوسائط البصرية، وأن كل شئ سيتغير وهذا التغير مؤسس على تراث إنساني.
بعد ذلك تحدث محمد سناجلة (الأردن) عن "ما بعد الكلاسيكية الرقمية نحو نظرية أدبية جديدة"، وأشار إلى رواية الواقعية الرقمية، وأن العصر الرقمي يحتاج إلى إنسان جديد، وأن لكل عصر وسائله وأسلوبه وطريقته في قول المعنى، وأننا بحاجة إلى جنس أدبي جديد، وكتابة جديدة عابرة للأجناس الأدبية السابقة.
ثم قدم سناجلة عرضا لروايته "شات" وقال إننا أمام مجتمع جديد يتشكل.

خطوات مرتبكة

وأوضح أشرف الخريبي (مصر) أن الرواية الرقمية تحتمل عدة مفاهيم يمكن تلخيصها في الرواية الإلكترونية، والرواية الرقمية، والرواية التفاعلية، وكلها في النهاية لها تربة ومنبت أصيل وأساسي، لا يمكن وجودها بدونه ألا وهو الكمبيوتر.
وأشار إلى أن الثورة الفكرية التي قد تقدمها الرواية الرقمية، هي انقطاع الصلة بما سبق من كتابات سواء من حيث التشكل أو الصياغة أو حتى الشخصيات، لأنها تتعامل مع عالم شديد الخصوصية.
وأكد الخريبي أن الرواية الرقمية لم تقدم بعد إجابات منهجية عن كثير من التساؤلات إذ تخطو خطوات مرتبكة لافتقادها شروط العمل الجماعي وافتقارها لروح الفن الروائي، رغم محاولاتها الجادة والطموحة.

حمدية سلمان



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق