السبت، 8 أبريل 2017

• المرأة... والمرء

ظللت أزعم لنفسي أنني أعرف أمورا كثيرة، دون أن أدرك أن أي واحد - في هذا العالم - لابدّ أنه يعرف ما لا يعرفه أحد سواه، ونحن - أنا وأنت - نتوجه بنفس معاصرة متمدينة إلى مؤتمر المرأة: في المذياع أو التلفزيون أو في قاعات المؤتمرات، دون أن نتساءل:

لماذا مؤتمر المرأة وحقوق المرأة وبرامج المرأة، ولا يوجد من استخدم في المقابل مؤتمر المرء??، مرة أخرى: لماذا نتعامل مع كلمة (المرأة) في جميع الصياغات والشعارات واللافتات دون استخدام كلمة (المرء) مقابلها في المناسبات ذاتها، الرجل أفضل لماذا??، ولأني لا أعرف - مثلك - إجابة محددة، فإن الأمور تزداد مروءة - أي مرونة سلسة طيبة - إذا ما اتضح لنا أن المرأة لا جمع لها من الحروف ذاتها بل جمعها نساء - اللاتي لا مفرد لهن، وكذلك المرء: جمعه رجال، وعلينا أن نمرأ مثل هذه الاستثناءات اللغوية: أي نستسيغها، حتى لا نتوقف عند مفرد الرجال وهو الرجل، ليصبح لنا مريء لغوي مثل ذلك المريء الذي - بالهناء والشفاء - يستقبل الطعام والشراب من الحلقوم إلى المعدة، دون أن نستخدم الفعل مَرئ أو مَرَأ: أي صار كالمرأة: هيئة أو في طريقة كلامها...
ولعل التكوين النسائي اللدن الجاذب المشع وراء دوام استخدام كلمة المرأة مع تجميد المرء، مع أننا نفخر - نحن الرجال في جميع العصور والأمصار بسيطرتنا على اللغة، فإذا بالمروءة - من المرأة - تتصاعد لتصبح هذه الآداب النفسية التي تحمل الإنسان على مراعاتها ليتمسك بجميل العادات ومحاسن الأخلاق، ونستولي نحن الرجال على هذه المروءة لنبدو في كمال الرجولة - أو الرجولية.
ولعل تلك المروءة - سواء كانت من سلاسة ورقة تكوين المرأة - أو من محاسن أخلاق الرجولة - (أو هكذا تبدو لنا الأمور) - تكمن - هذه المروءة - وراء المرْو: وهو نبات عطري طبّي (ومن أسمائه الشعبية الخرنباش)، كما أن المرو نوع من حجر الصوان أبيض براق يستخدم عند قدحه لإصدار النار في القداحات الحجرية التي استخدمناها قبل الوصول إلى الولاّعات العصرية...
كما أن (مرو) مدينة قديمة في واحة كبيرة بصحراء (كاراكوم) في جمهورية تركمانيا والتي كانت واحدة من تكوينات الاتحاد السوفييتي، ثم هي التي كانت (مرجيانا) في إحدى مقاطعات فارس القديمة، إلا أن أشهر (مروة) هي اسم لجبل بمدينة مكة المكرمة، لاحظ أنني أسحب من (المروءة) كلمات ومعاني لا تنطبق عليها قواعد التخريج اللغوي بالدقة المطلوبة، وهو ما يؤدي بنا إلى أن نتذكر الخليفة الأموي مروان بن الحكم - والذي ينسب إليه بنو مروان، والذي ولاه معاوية بن أبي سفيان أمر المدينة المنورة، وبعد أمور عدة أصبح خليفة - في دمشق، وهذا لا علاقة له بمروى عاصمة المملكة المروية التي تأتي في السرد التاريخي (300-250 قبل الميلاد) وكانت تقع على الشاطئ الشرقي لنهر النيل قريبا من قرية (البقراوية) التابعة لمركز شندي حالياً شمال السودان، إلا أن الباقي من كل ذلك هو الصديق الذي لم أعد أسمع عنه شيئا: الشاعر الفلسطيني (مروان برزق)، والذي عاش فترة في مصر، ثم عاد إلى فلسطين وطنه الأثير ثم انقطعت أخباره فور اندلاع الاجتياح الإسرائيلي للمدن والمخيمات الفلسطينية في السنوات الأخيرة، إلا أن الأرض حين تمرؤ: يمسى هواؤها حسناً فهي مريئة.
أما المراءاة فهي تعني الموافقة ذات الاتجاه في المجاملة أو النفاق لرؤية - أو وجهة نظر - من يكون أقوى، إنها لغة مخففة وبالغة التهذيب لاتجاهات أخلاقية يعاني منها أي مرء أو امرأة منا، دون أن نخفي اعترافنا بذلك في أمور عدة نجد أنفسنا نُرائي فيها، حى نبدو أننا نعرف أكثر مما يعرفه سوانا.
محمد مستجاب 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق